الجهاز المركزى للتنظيم و الاداره
"2030" ..رؤية إستراتيجية للتنمية المستدامة: مصـــــر تصــــنع المســتقبل

المصدر: - جريدة الأهرام

التاريخ: - 28-02-2016

بإرادة سياسية واثقة، وواعية، قررت الدولة طى صفحة الماضى بتحدياتها وفشلها ، وعزمت على التوجه نحو التنمية، كخيار استراتيجى لا مناص منه، فقبل أيام قليله، أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسى، استراتيجية مصر للتنمية المستدامة "رؤية مصر2030"، والتى تعكس الملامح الأساسية لمصر الجديدة خلال الـ 15عاما المقبلة، حيث انطلق قطار التنمية بأقصى سرعة، لتعويض ما فاتنا فى عصور سابقة.. باختصار: مصر نفضت غبار الماضى ، وقررت أن تنطلق نحو البناء، والتنمية، ومواجهة التحديات، فقد أعلن الرئيس بكل وضوح: "سأظل أعمر وابنى فى مصر حتى تنتهى حياتى أو مدة رئاستى".

وبشكل عام، فإن (رؤية مصر 2030) كما يقول وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى الدكتور أشرف العربي- تبنت منهجية التخطيط بالمشاركة، حيث أسهم فى إعدادها مجموعة عمل متميزة، ضمت مئات الخبراء فى مختلف التخصصات وآلاف الشباب فى مختلف المحافظات عملوا بكل جد واجتهاد على مدى أكثر من عامين متتاليين لصياغة الوثيقة ، والتى حاولنا من خلالها رسم صورة لمصر المستقبل، مصر القادرة على مواجهة التحديات والصعاب مصر التى يبذل ابناؤها وشبابها الغالى من أجل أن تتبوأ مكانتها اللائقة بها بين الأمم، مشيرا إلى أنه تم إطلاق الموقع الرسمى للإستراتيجية (مصر 2030) على الانترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، كما سيتم فى الإطار ذاته ، عقد سلسلة من المؤتمرات واللقاءات فى مختلف المحافظات لضمان التبنى المجتمعى الواسع لهذه الإستراتيجية. الاستراتيجية - وفقا لـ وزير التخطيط - انطلقت من حيث انتهى الآخرون ، حيث بنينا على الجهود السابقة واستفدنا من كافة الاستراتيجيات والخطط التى تم وضعها فى فترات مختلفة، كما استفدنا من أخطاء الماضى، وحاولنا قدر المستطاع تطبيق أفضل الممارسات العالمية فى اعداد الخطة والاستراتيجيات وفى تحديد الغايات والأهداف القابلة للقياس الكمى وفى وضع آلية مؤسسية للمتابعة والتقويم والرقابة والمساءلة تكون مبنية على مؤشرات قياس أداء رئيسية متسقة مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة لما بعد عام 2015 وحتى عام 2030 ، والتى أطلقتها الأمم المتحدة فى سبتمبر من العام الماضى، وكذلك مع اجندة افريقيا 2063. ولا شك ، أن نجاح هذه الاستراتيجية فى تحقيق أهدافها كما يقول د.أشرف العربي- يرتبط بتبنى المجتمع بكل فئاته، السياسة، والبرامج، والمبادرات التى تتضمنها هذه الاستراتيجية.. وأن يرى فيها ما يحقق آماله وطموحاته ، وهو ما سعينا جاهدين لتحقيقه خلال الفترة الماضية، وكذلك ما سنعمل على الوصول إليه خلال الفترة القادمة. التخطيط فى خدمة المجتمع وبشكل عام، يؤكد الدكتور عبد الحميد سامى القصاص رئيس معهد التخطيط القومي، على أهمية التخطيط فى بناء المجتمعات، ووضع حلول واقعية للتحديات، وصياغة رؤية مستقبلية وسيناريوهات للانطلاق نحو المستقبل، لتفادى الأزمات فى مختلف القطاعات، مشيرا إلى أن (رؤية مصر 2030) ، تقوم على تنفيذ إستراتيجية متكاملة تتناول الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة فى 10 محاور تشمل: التنمية الاقتصادية، والطاقة، والمعرفة، والابتكار، والبحث العلمي، والشفافية، وكفاءة المؤسسات الحكومية، والعدالة الاجتماعية، والتعليم، والتدريب، والصحة، والثقافة، والبيئة، والتنمية العمرانية، بالإضافة إلى السياسة الخارجية والأمن القومى والسياسة الداخلية. ومن ثم سيكون للإستراتيجية الدور الرئيسى فى تخطيط مستقبل التنمية المستدامة لمصر حتى 2030، كما أنها ستمكن مصر من المقارنة فى مدى تحقق أهداف التنمية المستدامة 2030 على المستوى الدولي.


آفاق التنمية

وقد شارك معهد التخطيط القومى، بجهود ملموسة فى إعداد الاستراتيجية، وأدرج المعهد فى خطة بحوثه لعام 2015/ 2016 ، أربعة بحوث لخدمة استراتيجية التنمية المستدامة ، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات، وعقد البرامج التدريبية لدعم قدرات العاملين بالوزارة ، وذلك من الموازنة العامة للدوله المخصصة للمعهد. كما أن المعهد يعد حالياً لمؤتمر دولى عن "آفاق التنمية المستدامة مع التركيز على دور التعليم و التعلم"، ويجهز المعهد أيضاً مشروعاً - للتعاون من المعهد الدولى لتحليل تطبيقات النظم بالنمسا IIASA- لبناء مجموعة من النماذج الرياضية لنمذجة التشابكات بين الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية لاستراتيجية مصر 2030 لتساعد فى قياس مؤشرات الآداء لأهداف، وغايات الاستراتيجية، وحساب السيناريوهات البديلة لتحقيقها، ويمكن أيضاً أن يكون للمعهد دور فاعل من خلال منظومة المجلس الأعلى للتخطيط - بحيث يكون المعهد الوعاء الفكرى لوزارة التخطيط، ويلعب دوراً فى إجراء دراسات جدوي، وتقييم المشروعات، وتحديد أولويات الاستثمار، ووضع نظم للمتابعة، وتطوير مناهج التخطيط.


عودة الدول التنموية

النظام السياسى الجديد الذى ينبثق من ثورة 30 يونيو، كما يقول السيد يسين أستاذ علم الاجتماع السياسي- يعيد فى الواقع صياغة دور الدولة، ويفسح الطريق واسعا وعريضا، لعودة نموذج "الدولة التنموية" التى رسختها ثورة يوليو 1952، باعتبار أن مهمتها الرئيسية هى التنمية الشاملة من خلال القيام بمشروعات قومية كبرى، وقد بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسى هذا العصر التنموى الجديد فى مصر، بمشروع قناة السويس الجديدة، التى اعتمد فيها لأول مرة فى تمويلها على الاكتتاب الشعبى ،الذى نجح نجاحا ساحقا ، مؤكدا أنه فى بداية عهد الرئيس السيسي، عادت الدولة التنموية لتلعب الدور الأساسى فى التنمية ، ما يعنى أن الدولة هى الطرف الأساسى فى أى نظام سياسي- قد تجددت بعد ثورة 25 يناير ، وأصبحت مهمة التنمية القومية هى رسالتها الأساسية، وليس فى ذلك أى استبعاد لرجال الأعمال مصريين، أو عربا، أو أجانب، ولكن بشروط الدولة، وتحت رقابتها، وبدون الفساد، الذى نهب ثروتها القومية. وعلى ذلك، يدعو المفكر الكبير السيد يسين الأحزاب السياسية المصرية- توافقا مع الدولة التنموية العائدة- أن يكون هدفها ، هو المشاركة فى التنمية المستدامة بكل قوة، تخطيطا وتنفيذا وتعبئة وحشدا، وينبغى على مؤسسات المجتمع المدني، أن تصبح مؤسسات تنموية تشارك بفعالية فى جهود التنمية الشاملة.


الاعتماد على الذات

وبشكل عام، تكتسب مقومات التنمية الأساسية، كما يقول الدكتور محمود عبد الحى الخبير الاقتصادى ومدير مركز العلاقات الاقتصادية الدولية بمعهد التخطيط القومي- فاعلية أكبر كلما كان ذلك فى إطار توجه استراتيجى للتنمية، مفاده الاعتماد على الذات، واكتساب القدرة على حل المشكلات، مطالبا بإعطاء الفرصة لرأس المال المصري، والاعتماد عليه فى قيادة عملية التنمية، وحتى لا تذهب أرباح المشروعات للمستثمر الأجنبي، ولا يستفيد منها الوطن، ولا مانع من أن يكون دور رأس المال الأجنبى مكملا ومساعدا، على أن يكون ذلك تحت رقابة الدولة، وإشرافها، مؤكدا أن استراتيجية التنمية المستدامة فى مصر حتى عام 2030، تعكس اهتمام الدولة، وحرصها، على بناء مجتمع متطور، ومنتج، و دعم اقتصاد سوق منضبط ، يتميز بالاستقرار، وقادر على تحقيق نمو شامل ومستدام، ويتميز بالتنافسية، والتنوع ، ودعم القطاع الخاص، وتعظيم القيمة المضافة ، وتوليد المزيد من فرص العمل، وجذب المزيد من الاستثمارات.


الاستراتيجية بين الواقع والمأمول

وقد وضع الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى كما يقول الدكتور عبد النبى عبد المطلب الخبير الاقتصادي- منذ ان تولى وزارة التخطيط والتعاون الدولى فى نصب عينيه، إعداد استراتيجية للتنمية المستدامة، تضمن وضع مؤشرات على الطريق لتحقيق التنمية، والتنمية المستدامة، اى التى تراعى متطلبات النمو فى الفترة الحالية، وتراعى فى نفس الوقت حق الأجيال القادمة. ووفقًا للمحور الاقتصادى للاستراتيجية، فإن الحكومة تلتزم بالعمل على تحقيق معدل نمو اقتصادى يصل إلى 7% فى المتوسط، ورفع معدل الاستثمار إلى 30% وزيادة معدل نمو الصادرات بنسبة 25% ، وخفض معدل البطالة ليصل إلى نحو 5%، كما تهدف أيضًا إلى زيادة مساحة العمران فى مصر بنحو 5% من مساحته الكلية وإنشاء 7.5 مليون وحدة سكنية، والوصول لحلول جذرية لمشكلة المناطق العشوائية، ورفع إنتاجية المياه بحوالى 5% سنويًا ومضاعفة معدل التحسن فى فعالية استخدام الطاقة بحلول عام 2030 ، وأن تصبح مصر من أفضل 30 دولة فى مؤشر جودة التعليم الأساسى والوصول بمعدل الأمية إلى الصفر ، كما تستهدف الاستراتيجية العمل على وجود 10 جامعات مصرية على الأقل فى مؤشر أفضل 500 جامعة فى العالم، وأن تصبح الجامعات المصرية من أفضل 20 مؤسسة تعليم عالٍ فى الأبحاث العلمية المنشورة فى الدوريات المعترف بها عالميًا.


التمويل الذاتى

وبالرغم أهمية هذه الاستراتيجية، فإنها كما يقول الخبير الاقتصادى د. عبد النبى عبد المطلب- يجب ان تهتم الاستراتيجية بتعظيم التمويل الذاتى لعملية التنمية المستدامة، ودفع القطاع الخاص المصرى للمساهمة بفاعلية فيها، وتشجيع المواطنين على المساهمة فى عملية التنمية من خلال اقتصاد المشاركة، او تحفيز التعاونيات للقيام بدورها فى عملية التنمية، لكى نحقق ما نصبو إليه من آمال وطموحات. تحديات وطموحات والحال كذلك، فإن استراتيجية مصر حتى عام 2030 كما يراها الدكتورأحمد الضبع الخبير الاقتصادي- تعد ضرورة وإطارا عاما متكاملا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية يتضمن محاور رئيسية، ومشروعات محددة، نتمنى ان تنجح فى مواجهة المشكلات الرئيسية، وابرزها الفقر، والمرض، والجهل، والبطالة والعشوائيات ، وضعف الإنتاج والتصدير، واختلالات ميزانية الدولة، وميزان المدفوعات مع العالم الخارجى ، وغيرها من المشاكل شبه المزمنة، مشيدا بالجهود المبذولة فى وضعها ، والدعم الواضح من القيادة السياسية، والاهتمام الرسمى بإطلاق الاستراتيجية، والشفافية فى إعلانها بتفاصيلها عبر الموقع الإلكترونى وخصوصا فيما يتعلق بتحديد أهداف كمية واضحة، فى أن تصبح مصر من أفضل 30 دولة على مستوى حجم الاقتصاد، وتنافسية الأسواق، ومكافحة الفساد، والتنمية البشرية. وبالرغم من أن تطبيق الاستراتيجية على أرض الواقع ، وتحقيق أهدافها ، ومنها مضاعفة متوسط دخل الفرد المصرى من 3500 دولار إلى 10 آلاف دولار سنويا ، وخفض نسبة السكان تحت خط الفقر من 26 إلى 15 % ، ورفع معدلات النمو والإنتاج والتشغيل، قد تواجهها تحديات عديدة داخلية وخارجية، وبالرغم أيضا من ثقتى فى القائمين على وضع الاستراتيجية، واستفادتهم من جهود الجهات الأخرى فى هذا المجال ، وإشراكهم لممثلين عن منظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص ، والوزارات ، والخبراء ، والأكاديميين إلا إننى ادعوهم لإعادة دراسة أسباب إخفاق الخطط التنموية السابقة على الصعيد التنفيذى والإجرائى وكشفها للقيادة السياسية ، ومجلس النواب ، وللرأى العام ، حتى يمكننا مواجهتها عند تنفيذ الاستراتيجية الحالية والخطط والسياسات والبرامج والمشروعات المنبثقة عنها. ويمثل التمويل كما يقول الضبع - التحدى الأبرز لتنفيذ الاستراتيجية خصوصا مع قرب استفاذ بديل الاقتراض والمساعدات الخارجية وصعوبة رفع معدلات الاستثمار الأجنبى فى ضوء التحديات السياسية والأمنية المحلية والإقليمية وترتيب مصر غير المتقدم فى مؤشرات بيئة أداء الأعمال جراء البيروقراطية وعوائق التشريعات، كما أن فرض مشروعات خلافية لم يثبت جدواها أو احتلالها مرتبة متقدمة فى سلم أولويات مصر خلال الـ15 سنة المقبلة ضمن الاستراتيجية ، قد يعوق تنفيذها فى ضوء محدودية الموارد ومنها مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، إضافة إلى المشروعات الطارئة التى يتم فرضها لأسباب اجتماعية وسياسية، مطالبا القيادة السياسية ومجلس النواب، بتوفير دعم غير تقليدي، لتنفيذ الاستراتيجية بعد إقرارها النهائي، لاسيما أنه تم إعدادها بعد مراجعة مختلف الجهات وأبعاد الأمن القومى ، لضمان مشاركة ودعم جميع الجهات الفاعلة للتنفيذ، بدون استثناءات، وخصوصا الجهات السيادية. والمؤكد كما يقول الضبع أن إنشاء وحدة متابعة لتنفيذ الاستراتيجية داخل رئاسة الجمهورية، من خلال آليات واضحة ومؤشرات لقياس الأداء، خطوة مهمة وضرورية، وينبغى مواجهة كافة المعوقات الإدارية التى قد تعطل تنفيذ تلك الاستراتيجية.



من اين تفضل الحصول على خدمات الجهاز ؟